الأحاديث المروية عن أبي بكر
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه، متميزًا في معرفته بالقرآن الكريم والسنة النبوية، وفهمه لمقاصد الشريعة ورواية للأحاديث النبوية، ولعب دورًا قياديًا في إصدار الفتاوى المهمة في العديد من القضايا، وروى عددًا قليلاً من الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك بسبب وفاته بعد الرسول بسنتين وبعض الأشهر، إذ كانت فترة خلافته للمسلمين بعد الرسول قصيرة.
عدد الأحاديث المروية عن أبي بكر
روى الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه 142 حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد أخرج الإمامان البخاري ومسلم ستة أحاديث منها، وأخرج البخاري لوحده أحد عشر حديثًا، وأخرج مسلم لوحده حديثًا واحدًا، وانتشرت بقية الأحاديث في كتب السنن والمسانيد الأخرى.
بعض الأحاديث التي رواها أبو بكر الصديق
حديث الهجرة
رافق أبو بكرٍ الصديق الرسول عليه الصلاة والسلام خلال هجرته من مكّة إلى المدينة، وأخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي بكرٍ: (ارْتَحَلْنَا مِن مَكَّةَ، فأحْيَيْنَا، أوْ: سَرَيْنَا لَيْلَتَنَا ويَومَنَا حتَّى أظْهَرْنَا وقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، فَرَمَيْتُ ببَصَرِي هلْ أرَى مِن ظِلٍّ فَآوِيَ إلَيْهِ، فَإِذَا صَخْرَةٌ أتَيْتُهَا فَنَظَرْتُ بَقِيَّةَ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ، ثُمَّ فَرَشْتُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيهِ، ثُمَّ قُلتُ له: اضْطَجِعْ يا نَبِيَّ اللَّهِ، فَاضْطَجَعَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ أنْظُرُ ما حَوْلِي هلْ أرَى مِنَ الطَّلَبِ أحَدًا، فَإِذَا أنَا برَاعِي غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إلى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ منها الذي أرَدْنَا، فَسَأَلْتُهُ فَقُلتُ له: لِمَن أنْتَ يا غُلَامُ، قَالَ لِرَجُلٍ مِن قُرَيْشٍ، سَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلتُ: هلْ في غَنَمِكَ مِن لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلتُ: فَهلْ أنْتَ حَالِبٌ لَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فأمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِن غَنَمِهِ، ثُمَّ أمَرْتُهُ أنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الغُبَارِ، ثُمَّ أمَرْتُهُ أنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ: هَكَذَا، ضَرَبَ إحْدَى كَفَّيْهِ بالأُخْرَى، فَحَلَبَ لي كُثْبَةً مِن لَبَنٍ، وقدْ جَعَلْتُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إدَاوَةً علَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ علَى اللَّبَنِ حتَّى بَرَدَ أسْفَلُهُ، فَانْطَلَقْتُ به إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلتُ: اشْرَبْ يا رَسولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ حتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قُلتُ: قدْ آنَ الرَّحِيلُ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بَلَى. فَارْتَحَلْنَا والقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أحَدٌ منهمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بنِ مَالِكِ بنِ جُعْشُمٍ علَى فَرَسٍ له، فَقُلتُ: هذا الطَّلَبُ قدْ لَحِقَنَا يا رَسولَ اللَّهِ، فَقَالَ: لا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ معنَا).
حديث الصدقة
روى مسلم في صحيحه عن أبي بكرٍ الصدّيق -رضي الله عنه- أنه قال: "يا رسولَ اللهِ، ألا تنفعُنِي مالي؟" قالَ: "بَلْ"، فأخرجَهُ عن جيبِهِ، ثمَّ قالَ: "يا أبا بكرٍ، ماذا أبقَيتَ لأهلِكَ؟" قالَ: "أُبقِيَ اللهَ ورَسُولَهُ".
حديث الوصية
روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي بكرٍ الصدّيق -رضي الله عنه- أنه قال في وصيته: "أُوصِيكم بتقوى اللهِ، والسمعِ والطاعةِ في الرَّخَاءِ والشِّدَّةِ، وإقامةِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، والأَمْرِ بالمعروفِ، والنَّهْيِ عن المنكَرِ" (صحيح البخاري).
حديث اللهم إني ظلمت نفسي
أخرج البخاري عن أبي بكرٍ الصدّيق -رضي الله عنه- أنّه سأل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (عَلِّمْنِي دُعَاءً أدْعُو به في صَلَاتِي، قالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، ولَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، فَاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِن عِندِكَ، وارْحَمْنِي، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ).
حديث الغار
عنْ أبي بَكْرٍ الصِّدِّيق عبدِ اللَّه بنِ عثمانَ بنِ عامِرِ بنِ عُمَرَ بن كعب بنِ سعدِ بْنِ تَيْمِ بْن مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْن لُؤيِّ بْنِ غَالِب الْقُرَشِيِّ التَّيْمِيِّ - وهُو وأبُوهُ وَأُمَّهُ صحابَةٌ، - قَالَ: (نظرتُ إِلَى أقْدَامِ المُشْرِكِينَ ونَحنُ في الْغَارِ وهُمْ علَى رُؤُوسِنا فقلتُ: يَا رسولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أحَدَهمْ نَظرَ تَحتَ قَدميْهِ لأبصرَنا فَقَالَ: مَا ظَنُّك يَا أَبا بكرٍ باثْنْينِ اللَّهُ ثالثِهْما) متفقٌ عَلَيهِ.